الجمعة، 24 يوليو 2009

الى صديقي الذي رحل بالامس :

قبل عشرة سنين وبعد وفاة والدي -رحمه الله- التقيت بصديقه ابا يوسف الذي جمعته بأبي فترة دراستهم باليونان
وكنت اذا اشتقت لأبي اعرف ان ابا يوسف سوف يروي قصص عن ابي كنت اسمعه يرددها ولا يغوص فيها
وقد كان يضحكني كثيرا على مغامراتهم.
سألته مرة عن قصة ذكرها ابي عرضا ولم يغص فيها .. نظر الي ابو يوسف وقال :انا مستغرب انو حكالك اياها.
وبعد صمت سرد لي القصة .. بعدها حزنت لوفاة ابي اضعاف لأني عرفته بشكل آخر .. غير تلك الصورة العظيمة لأب عظيم .. عرفته كأنسان جدا عظيم وذو قلب كبير .
وكنت على مدى هذه العشر سنوات اخصص زيارة للدكتور ابا يوسف في عيادته .. وقد نصحته ان يتزوج من سكرتيرته التي كانت تحبه على رغم فرق العمر بينهما وانفصاله عن زوجته الاوروبيه تردد .. كنت اعلم انه يشتاق لاولاده لكن طليقته حرمته منهما .
بعد مضي عام توفى اخوه الذي كان يؤنسه في وحدته , بيد ان اخاه لم يتزوج ابدا وفضل العزوبية -على حد قول -
اخذنا انا وعائلتي وعائلته بعزاه بحكم القرابة .. انتظرت فترة من الزمن وذهبت للعيادة اطمئن على صحته واقدم عزائي .. لكني لم استطع الخوض كثيرا حتى لا تتفتح جروحه .
يومها نظر الى اوراقه التي تنتظر توقيعه وهمس بكلمات : انا مش مآثر في موتو بقدر ما اثر في طريقة موتو.
لقد كان الدكتور ابو يوسف مسافر حينما وجدو اخاه خلف باب بيته محاولا فتح الباب لكنه فارق الحياة ولم يعرف بموته احد الا باليوم التالي ... بعدها فقد ابو يوسف تلك الضحكة .. حتى اني اعتقدت ان فيه شيء مات بموت رفيقه واخاه.
بعدها بفترة كنت جالسة في اجتماع لاقاربي فهمست لي زوجة اخيه : انت بتعرفي انو ابو يوسف ناوي يخطب سكرتيرته . تبسمت وقلت لها : الله يبشرك بالخير.
وكعادتي لازم اقدم التهاني ليسى فقط العزاء .. هنأته , ابتسم وقال : وجدتها اكثر انسانة فاهميتني . فقلت : والله مزبوط .
لكن ظروف الحياة اخذتنا فكنت اذا صادفت زوجته او اخته ابعث له سلام . وكان هو الاخر اذا صادف امي يقول لها : شو وينها بنتك ؟ والله ما الها صاحب . لكن فعلا كلما يتقدم الانسان بالعمر تأخذه دوامة الحياة .
قبل اربعة اشهر مررت على العيادة فقام من كرسيه وقد علت وجهه ابتسامة الترحيب الصادق . سألته عن احواله فقال : بتعرفي هدول التلاته اللي اجوني بأخر عمري نسوني حزني على فراق ابنائي الكبار ..
هززت رأسي . فقال : بعرف بدك تحكيلي ما انا حكيتلك . ضحكت وقلت له : طيب الحمد لله .. بس لو تشوفلي فحص ال ..... اعطيته الورقة وقلت له : مش تخليها لبكرا انا مستعجله . ضحك وقال : ايوا يعني ما نزلتي تطمني عليي .. عشان الفحوصات . ضحكت بدوري وقلت : خلص بس يخلص ابني من امتحاناتو رح انزل واسمع اللك . نظر الي وقال : وعد ؟ قلت : ايوا وعد .
لكن الايام اخذتني واخذتني واخذتني .......................... بالامس وبالصدفة كنت اهاتف قريبي وكان على عجلة .. فقال : مضطر اروح لانو الدكتور ابو يوسف هلا اعطاكي عمرو.